يُعدُّ سرطان البروستات من أكثر أنواع السرطان شيوعاً لدى الرجال. وفي كلِّ سنة، يجري تشخيصُ سرطان البروستات عند مائتين وأربعين ألف رجل في الولايات المتَّحدة. من الممكن
أن ينصح الطبيبُ بالمعالجة الشُّعاعية لسرطان البروستات، وهي تقوم على استخدام إشعاع عالي الطاقة لقتل الخلايا السرطانية وتقليل حجم الوَرَم. تَستخدم المعالجةُ الشُّعاعية الخارجية أشعَّةً سينية عالية الطاقة تَصدر عن جهاز موجود خارج الجسم يجري تحريكه بحيث يمكن أن تدخل الأشعَّةُ الجسمَ من زوايا مختلفة. وتستخدم إشاراتٌ مرجعية لتحديد المنطقة المُستهدفة. يمكن أن تكون الآثارُ الجانبية للمعالجة الشُّعاعية الخارجية مُبكِّرة أو متأخِّرة. وتكون الآثارُ الجانبية المبكِّرة مؤقَّتة عادة، وتبدأ من الأسبوع الرابع. أمَّا الآثار المتأخِّرة فقد تظهر بعد ستَّة أشهر أو سنة لسنتين بعد انتهاء المعالجة الشعاعية. وهناك بعضُ الأشياء التي يمكن للمريض أن يعتاد عليها بعد المعالجة الشعاعية للتخفيف من الآثار الجانبية. مقدِّمة
يُعدُّ سرطان البروستات من أكثر أنواع السرطان شيوعاً لدى الرجال. وفي كلِّ سنة، يجري تشخيصُ سرطان البروستات عند الالاف من الرجال . قد ينصح الطبيبُ بالمعالجة الشعاعية لسرطان البروستات. يساعد هذا البرنامجُ على فهم فوائد المعالجة الشُّعاعية ومخاطرها.
تَشريحُ البروستات
البروستات هي إحدى الغدد الجنسية عند الرجال، وتقع تحت المثانة تماماً. والمثانةُ هي العضو الذي يقوم بتجميع البول لتفريغه خارج الجسم. تقع غدَّةُ البروستات أيضاً أمام المستقيم، وهو الجزءُ الأسفل من الأمعاء حيث يجري تجميعُ البراز. يبلغ حجمُ البروستات حجم ثمرة الجوز، وهي تحيط بالإحليل. والإحليلُ هو الأنبوب الذي ينقل البول من المثانة إلى خارج الجسم. تُنتِج البروستات السائل الذي يُشكِّل معظمَ حجم السائل المنوي. وهو السائلُ الأبيض الذي تسبح فيه النطاف. تتأثَّر البروستات بالهرمونات الجنسية للذكر، وهي موادُّ تتحكَّم بوظائف الجسم. وأهمُّ هرمون ذكري هو التستوسترون الذي تنتجه الخصيتان.
العلاج الشعاعي
تَستخدم المعالجةُ الشعاعية إشعاعاً عالي الطاقة لقتل الخلايا السرطانية وإنقاص حجم الورم. وتصدر هذه الأشعَّةُ عن جهاز خارج الجسم (المعالجة الشعاعية الخارجية) أو عن مواد تُصدِر الأشعة تُوضَع في منطقة وجود الخلايا السرطانية (هذه هي المعالجة السرطانية الداخلية، أو المعالجة الكَثبيَّة). وبما أنَّ الأشعَّة لا يمكن توجيهها بدقَّة، فإنَّها يمكن أن تؤذي الخلايا السرطانية والخلايا السليمة المجاورة على السواء. وإذا كانت جرعة الإشعاع صغيرةً، وامتد العلاج زمناً طويلاً، فإنَّ الخلايا السرطانية تموت في حين تتمكَّن الخلايا السليمة من التعافي والبقاء. تُستَخدم المعالجةُ الشعاعية عادة في حالة سرطان البروستات الذي لم ينتشر إلى أجزاء أخرى من الجسم، مثل الرئتين والعظام. ويمكن أن تساعد المعالجةُ الشعاعية في وقف انتشار السرطان أيضاً. قد تستطيع المعالجةُ الشعاعية أن تشفي المريض من سرطان البروستات إذا كان في مراحله الأولى. كما يمكن للمعالجة الشعاعية أيضاً أن تُخفِّف الألم إذا كان سرطان البروستات قد انتشر إلى العظام.
الإشعاعُ بالحزمة الخارجية
يوجد جهازٌ يُستخدَم لتوجيه أشعَّة سينية عالية الطاقة على النسيج السرطاني. ويتحرَّك هذا الجهازُ ويغيِّر موضعه بحيث يمكن للحزمة الشعاعية أن تدخل الجسم من زوايا مختلفة. يضع فريقُ المعالجة خطَّة العلاج قبلَ البدء بالمعالجة الشعاعية. وفي أثناء وضع هذه الخطة، تُجرى عملية تُسمَّى المُحاكاة، حيث يجري فيها تحديدُ المنطقة المستهدفة، وتُوضَع علامات على الجلد عند مناطق دخول حزمة الأشعَّة إلى جسم المريض. يجري تحديدُ العلامات المرجعية بالحبر. وبعد تثبيتها على الجلد، تجري إحاطتُها بأضواء ليزرية لكي تضبط وضعيَّةَ المريض جيِّداً للمعالجة. إن الضوء الليزري الأحمر غير ضار، وهو يُستخدم لتحديد الوضعية. بعد ذلك، يُجرى التَّصويرُ الطبقي المحوري من أجل تخطيط المعالجة بالحاسوب لتحديد الطريقة الأنسب لإيصال المعالجة الشعاعية. وتسمح هذه التقنيةُ المتقدِّمة للطبيب بأن يوصل الجرعة الشعاعية المناسبة إلى الأماكن المناسبة؛ وهذا بدوره ما يحدُّ من إصابة النسيج السليم بالأشعَّة، ويقلِّل من الآثار الجانبية الباكرة والمتأخِّرة. خلال المعالجة الشعاعية، يجب أن يبقى المريض ثابتاً، أو أن تظل منطقةُ المعالجة ثابتة، لأنَّ العلاجَ الشعاعي يستهدف هذه المنطقة تحديداً. وهذا ما يساعد أيضاً على توجيه الأشعَّة في جلسات المعالجة التالية. ويُمكن أن يستخدم الطبيبُ قالباً لتثبيت الجسم في الوضعية المطلوبة. كما يرتدي المريضُ درعاً يمنع الأشعَّةَ لحماية المناطق السليمة. يُجرى التصويرُ الطبقي المحوري الهادف للتخطيط للمعالجة بالأشعَّة فوق سطح طاولة تشبه الطاولةَ التي تُجرَى عليها المعالجةُ الشعاعية. ويوضع المريضُ في وضعية المعالجة المناسبة لحالته. يدرس الطبيبُ المختص بالمعالجة الشُّعاعية للأورام، ومعه فريق الرعاية الصحِّية، نتائجَ تخطيط المعالجة المحوسبة، ويقررون الطريقةَ الأفضل للمعالجة. وفي الأحوال العادية، لا تبدأ المعالجة الشعاعية خلال جلسة التخطيط هذه. تُجرى المعالجةُ الشعاعية عادة بصورة يومية، وتستمر خمسة أيام في الأسبوع طوالَ سبعة أسابيع أو ثمانية لكلِّ مرحلة من مراحل المعالجة. تستغرق كلُّ جلسة معالجة ثلثَ ساعة أو نصف ساعة. ويراجع المريض الطبيبَ في مواعيد ثابتة لدراسة مدى تحسُّن حالته. يمكن أن يُطلب من المريض في غرفة المعالجة الشعاعية أن يرتدي ثوباً خاصاً بالمستشفى، ثم يضعه الطبيبُ على طاولة المعالجة. يغادر المُعالجُ الغرفةَ، ثمَّ تبدأ المعالجة. وعلى المريض أن يبقى ثابتاً وأن يتنفَّس بشكل طبيعي. وسوف يسمع أصواتاً آلية صادرة عن الجهاز. عندما تنتهي جلسةُ المعالجة، يساعد المعالجُ المريضَ على النزول عن الطاولة. بعدَ انتهاء كلِّ الجلسات المخطَّط لها، يراقب الطبيبُ المختص بالأورام تقدُّمَ حالة المريض من خلال مراجعات تجري وفقَ برنامج زمني محدَّد.
المخاطرُ والآثار الجانبية
يمكن أن تكون التأثيراتُ الجانبية للمعالجة الشعاعية الخارجية مبكِّرة أو متأخِّرة. تكون التأثيراتُ الجانبية المبكِّرة مؤقَّتة عادة، وتبدأ من الأسبوع الرابع. أمَّا الآثارُ الجانبية المتأخِّرة، فقد تحدث بعد ستة أشهر أو سنة وحتى سنتين من انتهاء المعالجة الشعاعية. تتعلَّق التأثيراتُ الجانبية المبكِّرة للمعالجة الشعاعية الخارجية للبروستات بالتغيُّرات التي تحدث في الانسجة الطبيعية المحيطة بالبروستات خلال المعالجة، وهذه الأعضاءُ هي المستقيم والقولون والأمعاء والمثانة والجلد. يمكن أن يشعر المريضُ بحكَّة أو انزعاج في جلد العِجان، وهي المنطقةُ الواقعة بين الصَّفَن والشَّرج. ويُعالج هذا بمراهم أو كريمات خاصة مع إعطاء المريض تعليمات عن كيفية الحفاظ على منطقة العجان جافة ونظيفة. يُمكن أن يصبح لونُ الجلد في المنطقة الشرجية داكناً أكثر من قبل. يُمكن أن تؤثِّر الأشعَّةُ في بطانة المستقيم والأمعاء، فتسبِّب بعض الإزعاج في البطن، كما يمكن أن تسبِّب الإسهال والغازات والمَغص. وتُعالج هذه الحالاتُ بالأدوية الطاردة للغازات والمضادَّة للإسهال. يمكن أن تؤثِّر الأشعَّة في بِطانة المثانة، فتسبِّب الشعور المتكرِّر بالرغبة في التبوُّل وشعوراً بالحرقة في أثناء التبوُّل. وفي بعض الحالات، يمكن أن يحدث احتباسُ بول عندما تكون البروستات كبيرة. وهذه الأعراضُ يمكن أن تُعالج بالأدوية البولية. يمكن أن تسبِّب المعالجةُ الشعاعية تساقط شعر العَانة. وفي العادة، ينمو هذا الشعر بعد انتهاء المعالجة. يمكن أن تسبِّب المعالجةُ الشعاعية بعضَ التعب، وهذا ما يمكن أن يُعالج بالراحة والاسترخاء. تنجم الآثارُ الجانبية المتأخِّرة عن التَّنَدُّب الذي يمكن أن يحدث في منطقة الإشعاع. وهذا ما يكون تحمُّله من جانب المريض سهلاً في الغالب. ولكنَّ هذا التندُّبَ قد يسبِّب عند عدد قليل من المرضى تغيُّراتٍ في بطانة المستقيم أو القولون أو المثانة وتضيُّقاً في الأمعاء. وهذا ما يمكن أن يسبِّب بدوره الإسهال والنزف من المستقيم وظهور الدم في البول وزيادة في عدد مرات التبوُّل. وقد ينجم عن التندُّب حول الأعصاب في منطقة الإشعاع حالةَ ضَعف في الانتصاب أو حالة عجز جنسي. قد يحتاج الأمرُ إلى عملية جراحية لإزالة التندٌّب والتضيُّق في الأمعاء.
ما بعد العلاج الشعاعي
يمكن للمريض أن يقودَ السيَّارة عائداً إلى بيته بعدَ كلِّ جلسة معالجة بالأشعة. على المريض ألاَّ يزيل العلامات عن جلده إلاَّ بعد استشارة الطبيب أو اختصاصي المعالجة الشعاعية. وهو يستطيع الاستحمام، لكن من غير أن يفرك المنطقة المعلَّمة. إذا شعر المريضُ بجفاف وحكَّة في الجلد، فعليه أن يستخدم السائل أو المرهم الذي يصفه الطبيب، وأن يرتدي ألبسة فضفاضة. وتشفى معظمُ حالات الحكَّة وتزول بعدَ أسبوع أو أسبوعين من آخر جلسة علاجية. إذا شعر المريضُ بنقص في الشهية، فعليه أن يتناول عدَّةَ وجبات صغيرة في اليوم من أيِّ طعام يحبه. وعليه أن يحرص على أن يحوي طعامه الكثير من البروتين (اللحوم والبقول) حتَّى يتمكَّن الجسم من ترميم الخلايا السليمة. إذا شعر المريضُ بالتعب، فعليه أن يكثرَ من الاستراحة والاسترخاء. ومن المرجَّح أن يزول الشعورُ بالتعب بعد بضعة اسابيع من آخر جلسة. قد يعاني المريضُ من جفاف في الفم والبلعوم أحياناً. وعليه في هذه الحالة أن يُكثر من شرب الماء خلال النهار. لا يكون معظمُ مرضى البروستات، الذين يتلقَّون المعالجة بالأشعة، مضَّطرين إلى تغيير أنشطتهم اليومية المعتادة. لكن على المريض أن يسألَ الطبيب ما إذا كان يمكنه الاستمرار في العمل وممارسة أنشطته اليومية خلال فترة المعالجة بالأشعَّة.
الخلاصة
لقد سمحت التطوُّرات الأخيرة في التكنولوجيا الطبية باستخدام الأشعة السينية عالية الطاقة لقتل سرطان البروستات والحدِّ من نُموِّه. المعالجةُ الشعاعية الخارجية إجراءٌ آمن وناجح إلى حدٍّ كبير في التقليل من نموِّ السرطان في المراحل المبكِّرة، أو في تخفيف الألم في المراحل المتأخِّرة. تترك المعالجةُ الشعاعية الخارجية تأثيرات جانبية مبكِّرة مؤقَّتة، وقد تترك آثاراً جانبية بعيدة الأمد. وتساعد معرفةُ هذه الآثار الطبيبَ على التحرِّي المبكِّر عنها ومعالجتها عندَ حدوثها
0 التعليقات:
إرسال تعليق