هناك نوعان رئيسيان لسرطان الدماغ هما سرطان الدماغ الأوَّلي الذي يبدأ في الدماغ، وسرطان الدماغ المنتقل الذي يبدأ في مكان آخر من الجسم ثمَّ ينتقل إلى الدماغ. ويمكن أن تكون
أورام الدماغ حميدة ولا تحوي خلايا سرطانية ، كما يمكن أن تكون خبيثة تحوي خلايا سرطانية تنمو بسرعة. قد تسبِّب أورام الدماغ أعراضاً كثيرة، من أهمِّها: • الصُّداع، ويكون شديداً في الصباح. • الغثيان والقيء. • تغيُّر في القدرة على الكلام أو السمع أو الرؤية. • مشاكل في التوازن أو المشي. • مشاكل في القدرة على التفكير أو التذكُّر. • ارتعاش أو انتفاض العضلات. • الخدر والتنميل في الذِّراعين والسَّاقين. لا أحد يعرف الأسباب الدقيقة لأورام الدماغ، وقلَّما يستطيع الأطبَّاء شرح سبب حدوث ورم دماغي لدى شخص وعدم حدوثه لدى شخص آخر. مقدِّمة
ليست أورام الدماغ نادرة، إذ أنَّ آلاف الناس يُشخَّصون سنوياً بالإصابة بأورام الدماغ وباقي الجهاز العصبي. يعتمد تشخيص ورم الدماغ وعلاجه على نوع الورم ودرجته ومكان بدء ظهوره. سوف يساعد هذا البرنامجُ التثقيفي على تكوين فهم أفضل لأورام الدماغ وكيفية تشخيصها والخيارات المتوفِّرة لمعالجتها.
الدِّماغ
الدماغ هو أهمُّ عضو في الجسم، ويتحكَّم بالحواس الخمس وبالقدرة على الكلام والحركة. يتحكَّم الجانب الأيمن من الدماغ بالجانب الأيسر من الجسم. ويتحكَّم الجانب الأيسر من الدماغ بالجانب الأيمن من الجسم. الدماغُ هو كتلة من النسيج الإسفنجي الليِّن. وهو محمي بعظام الجمجمة وبثلاثة أغشية رقيقة تُدعى السحايا. ويستند الدماغ إلى سائل مائي يُدعى السائل النخاعي أو الدِّماغي النُّخاعي. تنقل شبكة الأعصاب الرسائل ذهاباً وإياباً بين الدماغ وباقي الجسم. تتحكَّم الأجزاء الرئيسية الثلاثة للدماغ بمختلف الأنشطة: المخ ـ وهو الجزء الأكبر من الدماغ، ويسيطر على القراءة والتفكير والتعلُّم والكلام والعواطف. المخيخ ـ ويتحكَّم بالتوازن والأنشطة المعقَّدة، مثل المشي والكلام. جذع الدماغ ـ يربط جذع الدماغ الدماغ مع النُّخاع الشوكي. ويتحكَّم بالجوع والعطش والتنفُّس وحرارة الجسم وضغط الدم. هناك العديد من الأنواع المختلفة من الخلايا في الدماغ. خلايا التفكير، أو الخلايا المسؤولة عن نشاط الدماغ، وتُعرَف باسم "الخلايا العصبية أو العَصَبونات". وتُساعِد الخلايا الأخرى في الدِّماغ على الاعتناء بالخلايا العصبية، وتُعرَف باسم "الخلايا الدبقيَّة".
السَّرطان وأسبابه
يتكوَّن الجسمُ من خلايا صغيرة جداً. تنمو الخلايا الطبيعية في الجسم، وتموت وفقَ آليَّة مضبوطة. تواصل الخلايا انقسامَها ونموَّها أحياناً، دون أن تخضع للضوابط الطبيعية، ممَّا يسبِّب نمواً شاذاً يُدعى الورم. يدعى الورمُ حميداً، أي غير سرطانيٍّ، عندما لا يغزو الأنسجة المجاورة وأجزاء الجسم الأخرى. ولا تشكِّل الأورامُ الحميدة في العادة خطراً على حياة المريض. أمَّا إذا كان الورمُ يغزو الخلايا المجاورة ويدمِّرها، فإنَّه يُدعى ورماً خبيثاً، أو سرطاناً. ويمكن أن يُشكِّل السرطانُ خطراً على الحياة في بعض الأحيان. تنتشر الخلايا السرطانية أحياناً إلى مختلف أنحاء الجسم عبر الأوعية الدموية والقنوات اللِّمفِيَّة. تُستخدَم مُعالجات السرطان لقتل الخلايا السَّرطانية أو السيطرة على تكاثرها الشاذِّ. تُسمَّى أنواع السرطانات في الجسم اعتماداً على المكان الذي بدأ ظهورها فيها؛ فالسرطانُ الذي يبدأ في الثدي يُسمَّى سرطان الثدي، حتى إذا انتشر إلى أماكن أخرى، مثل الكبد أو العظام أو الرئتين. السرطان الذي يبدأ في الدماغ يندر أن ينتشر خارج الدماغ. ومن المحتمل أن ينمو بسرعة، ويؤدِّي إلى مزاحمة أو غزو أنسجة الدماغ السليمة المحيطة، ممَّا يسبِّب العجز والوفاة. يستطيع الأطبَّاءُ تحديدَ المكان الذي بدأ فيه السرطان، إلاَّ أنَّهم لا يستطيعون معرفةَ سبب السرطان عادة لدى المريض. تحوي الخلايا موادَّ وراثية أو جينية تُدعى الصِّبغيَّات. وهذه المواد الجينية هي التي تتحكَّم بنموِّ الخلايا. يبدأ السرطانُ دائماً بسبب تغيُّرات تطرأ على المادة الوراثية. وعندما تُصاب المادَّةُ الوراثية في الخلية بحالة شذوذ، يمكن أن تفقد قدرتَها على ضبط نموِّها. قد تحدث التغيُّراتُ المفاجئة في المادَّة الوراثية لأسباب عديدة. وقد تكون هذه التغيُّرات موروثة من الأهل. كما قد تحدث أيضاً التغيُّرات في الموادِّ الوراثية بسبب التعرُّض للعدوى أو الأدوية أو التبغ أو المواد الكيميائية، أو غيرها من العوامل. ومع ذلك، فإنَّ الأسباب المعروفة الوحيدة حتَّى الآن لأورام الدماغ أو لأمراض السرطان هي:
علاج منطقة الرأس سابقاً بالأشعَّة.
التعرُّض لبعض المواد الكيميائية. وهذه المواد الكيميائيَّة هي الفورمالدهيد المستخدَم من قبل اختصاصيي الباثولوجيا والمحنِّطين، وكلوريد الفينيل المستخدم في صناعة المواد البلاستيكية، والأكريلونتريل المستخدَم في صناعة النسيج والمواد البلاستيكية. لكنَّ التعرُّض للمنسوجات والمواد البلاستيكية نفسها لا يزيد من خطر الإصابة بسرطان الدماغ.
يؤدِّي التَّاريخ العائلي للإصابة بسرطان الدماغ إلى إحداث زيادة قليلة في فرصة الإصابة بسرطان الدماغ. ولم يُربط استخدام الهاتف المحمول بزيادة حدوث سرطان الدماغ.
أعراض سرطان الدماغ
تعتمد أعراضُ أورام الدماغ على حجم الورم ونوعه وموضعه. وتظهر الأعراضُ أحياناً عندما يضغط الورم على العصب أو يُلحِق الضرر بمنطقة معيَّنة من الدماغ. الأعراض الأكثر شيوعاً لأورام الدماغ هي الصُّداع، بسبب الضغط الذي يحدثه الورم على الدماغ المحيط به عادة. كما يمكن ان تحصل أيضاً نوباتُ صرع أو تشنُّجات (اختلاجات)، لأنَّ الورم قد يهيِّج الدماغ. تشتمل العلامات الأخرى المحتملة لأورام الدماغ على:
مشاكل في الكلام.
اضطراب البصر.
ضعف في أجزاء من الجسم.
مشاكل في الفهم.
الغثيان أو القيء.
مشاكل في التوازن أو المشي.
الخدر أو التنميل في الذراعين أو السَّاقين.
أورامُ الدماغ الأوَّلية
هناك نوعان رئيسيَّان لأورام الدماغ وهما: الورم الدماغي الأوَّلي والورم المنتقل.
يبدأ الورم الأوَّلي في الدماغ، أمَّا الورم المنتقل فيبدأ في مكان آخر من الجسم، ثمَّ ينتقل إلى الدماغ. هناك نوعان من الأورام الأوَّلية وهي: الأورام الحميدة والأورام الخبيثة. ولا تحوي الأورام الحميدة خلايا سرطانية، أمَّا الأورام الخبيثة فإنَّها تحوي خلايا سرطانية. تُسمَّى أورام الدماغ الأوَّلية الحميدة الأكثر شيوعاً "الأورام السحائية". وهي تبدأ في غطاء الدماغ الذي يُسمَّى الجافية. وهي أكثر شيوعاً لدى النساء منها لدى الرجال. أمَّا في المرضى الكبار في السن، فيجب مراقبة الأورام السحائية الصغيرة عند عدم وجود أعراض مهمَّة. قد يحتاج الأمر إلى إجراء عملية جراحية لاستئصال الورم السحائي الأكبر حجماً، أو الذي يميل لأن يصبح أكبر حجماً. ومن غير المحتمل أن يعودَ ظهور الورم السحائي عند استئصاله بالكامل. يندر أن يكون الورم السحائي خبيثاً. وفي مثل هذه الحالة، قد يستلزم إجراء عمليَّة جراحية ثانية، وربَّما العلاج بالأشعَّة. يُسمَّى الورم الدماغي الخبيث الأوَّلي الأكثر شيوعاً باسم "الورم الدبقي"، لأنَّه ينشأ من الخلايا الدبقية. تُصنَّف مراحلُ الأورام الدبقية باستخدام نظام الدرجات؛ حيث تُستخدَم أربع درجات بدءاً من الدرجة المنخفضة (الدرجة 1) إلى الدرجة العالية (الدرجة 4). وتشير درجةُ الورم إلى شكل الخلايا تحت المجهر، إذ تبدو خلايا الأورام من الدرجة العالية شاذَّة الشكل أكثر، وتنمو بشكل أسرع من خلايا الأورام من الدرجة المنخفضة عادة. الأورام من الدرجة 1 هي الأقل خبثاً والأبطأ نمواً. ويمكن أن تترافق مع فترة خمود طويلة الأمد إذا ما تمَّ استئصالها بالكامل. تتضمَّن الأورام من الدرجة 2 خلايا أكثر خبثاً من الدرجة 1. وهي تنمو بشكل أسرع بعضَ الشيء، وتميل عادةً إلى الظهور مجدَّداً، وتكون أكثر سرطانية من المرَّة الأولى غالباً. الأورام من الدرجتين 3 و4 هي خبيثة جداً، ويصعب علاجُها في معظم الأحيان. وتُعرَف أورام الدرجة 4 أيضاً بالأورام الأرومية الدبقية المتعدِّدة الأشكال. وتتطلَّب هذه الأورام إجراء عملية جراحية عادة لاستئصال أكبر قدر ممكن من الورم، ويلي ذلك المعالجة بالأشعَّة والمعالجة الكيميائيَّة. تميل حتَّى الأورام الأرومية الدبقية الأكثر خبثاً إلى البقاء في الدماغ، ويندر أن تنمو خارجه.
أورام الدماغ المنتقلة
تبدأ أورامُ الدماغ المنتقلة في مكان آخر من الجسم، ثمَّ تنتقل إلى الدماغ. وتشتمل أنواع السرطان التي تؤثِّر في الدماغ عادة على سرطانات الرئة وسرطانات الثدي وسرطانات الجلد. تظهر أورامُ الدماغ المنتقلة بعد تشخيص السرطان الأصلي عادة. تُعالج أورام الدماغ المنتقلة بالمعالجة الإشعاعيَّة عادة، وبالمعالجة الكيميائيَّة أحياناً. تُجرى عملية جراحية للمرضى المصابين بأورام منتقلة فقط إذا كان:
السَّرطان الأصلي تحت السيطرة.
عدد الأورام في الدماغ قليل، وليس أكثر من اثنين قريبين من بعضهما البعض عادة.
يمكن الوصول إلى أورام الدماغ عبر الجراحة.
في بعض الأحيان، قد يحتاج الأمرُ إلى استئصال ورم الدماغ كإجراء مُنقذ لحياة المريض. يعتمد مآل المرضى المصابين بأورام الدماغ المنتقلة على مرحلة السرطان الأصلي.
تشخيص سرطان الدماغ
يجري تشخيصُ ورم الدماغ عادة بعد استجواب المريض حول تاريخه المرضي المفصَّل وإجراء فحص سريري دقيق، بالإضافة إلى الفحوص الشُّعاعية. يعدُّ التصويرُ الطبقي المحوري للدماغ والتصوير بالرنين المغناطيسي مهمَّين جداً في تشخيص أورام الدماغ. قد يساعد مظهرُ الورم في الصورة الطبقية أو في صورة الرنين المغناطيسي الطبيبَ على تحديد نوع الورم لدى المريض. لا تُظهر الصورة الطبقية أو صورة الرنين المغناطيسي، في بعض الأحيان، النوعَ الدقيق للورم. وقد يحتاج الأمرُ إلى إجراء المزيد من الفحوص الشُّعاعية، وإلى عملية جراحية أحياناً لتحديد التشخيص الدقيق.
جراحة سرطان الدماغ
تُجرى عمليةٌ جراحية لأورام الدماغ الأوَّلية عادة للمساعدة على تحديد التشخيص الدقيق واستئصال أكبر قدر ممكن من الورم. هناك نوعان رئيسيَّان من جراحة أورام الدماغ عادة: عملية الفتح والتوضيع التجسيمي؛ فإذا كان الوصول إلى الورم ممكناً وكان المريض في حالة صحِّية جيِّدة، تُجرى عملية الفتح لاستئصال أكبر قدر ممكن من الورم. أمَّا إذا كان الورم عميقاً او كانت الحالة الصحِّية للمريض لا تسمح بعملية الفتح، فيمكن عندئذ استئصال خزعة من الورم بطريقة التوضيع التجسيمي. كما يمكن استخراج قطعة صغيرة من الورم باستخدام إبرة صغيرة وبمساعدة التصوير الطبقي أو التصوير بالرنين المغناطيسي. في عملية الفتح، يُقطع جزء من الجمجمة، ويتمُّ الدخول إلى الدماغ واستئصال الورم، ثمَّ يُعاد الجزء المقطوع من الجمجمة إلى مكانه ويُغلق الجلد. يتعذَّر استئصال الورم كله أحياناً، وخصوصاً بالنسبة للأورام الدبقية الخبيثة. وفي بعض الحالات، إذا تمَّ استئصال الورم بكامله، يمكن أن يتأذَّى الدماغ المحيط أو أن يحصل قصور في الدماغ. اعتماداً على مكان الورم، قد يُضطرُّ جرَّاح الأعصاب خلال العملية إلى أن يقرِّر مقدار ما يمكن استئصاله من الورم بالضبط بأمان. يمكن إجراءُ جراحة لأورام الدماغ المنتقلة للمساعدة على تشخيص المرض، ولإنقاذ حياة المريض أحياناً؛ فإذا كان الورم الأصلي تحت السيطرة، فإنَّ استئصال الورم المنتقل يساعد على إطالة عمر المريض.
علاج سرطان الدماغ
المعالجة بالأشعَّة والمعالجة الكيميائية هما طريقتان إضافيتان للمعالجة يمكن استخدامهما للسيطرة على أورام الدماغ او للقضاء عليها. وقد يوصى الطبيب بواحدة من هاتين المعالجتين أو بالاثنتين معاً، بالإضافة إلى الجراحة أو كبديل عن الجراحة. في حالة وجود ورم خبيث في الدماغ، يجب معالجة المريض بالأشعَّة من أجل السيطرة على الورم، وربَّما التوصُّل إلى فترة خمود طويلة الأمد. توجد بعضُ الآثار الجانبية المحتملة للمعالجة بالأشعَّة، وهي تشمل إمكانية الإصابة بالسكتة الدماغية وفقدان الذاكرة. وتتفاقم شدَّة هذه الحالات، فضلاً عن إمكانية حدوثها، مع الجرعات الأعلى من الأشعَّة. يتحمَّل المريض المعالجة بالأشعَّة بشكل جيِّد جداً عادة. أمَّا المعالجةُ الكيميائية فهي وسيلة لمعالجة أنواع مختلفة من السرطان باستعمال أدوية كيميائية لقتل خلايا السرطان، حيث تُعطى بعض أنواع المعالجة الكيميائية عن طريق المصل مباشرة في مجرى الدم، بينما يُعطى البعض الآخر عن طريق الفم. يمكن استخدامُ مختلف أنواع المعالجة الكيميائية للمساعدة على معالجة أورام الدماغ الخبيثة. تعتمد الآثارُ الجانبية للمعالجة الكيميائية بشكل أساسي على الأدوية المستخدَمة. وتشمل الآثارُ الجانبيَّة الأكثر شيوعاً الحمَّى والقشعريرة والغثيان والقيء وفقدان الشهية والضعف العام. ولكن تُخفَّف بعض الآثار الجانبية بواسطة الأدوية. وتتمُّ مراقبة المرضى للتأكُّد من عدم التقاطهم للعدوى. تُستخدَم في بعض الأحيان رقائق خاصة مشبعة بأدوية المعالجة الكيميائية، بحيث توضَع في تجويف الورم مباشرة خلال الجراحة.
تتمُّ مراقبة المرضى الذين يُعالجون بهذه الرقاقة من قبل الفريق الصحِّي للتأكُّد من عدم التقاطهم للعدوى بعد الجراحة.
الخلاصة
أورام الدماغ ليست نادرة. تعتمد المعالجة والتوقُّعات المستقبلية للمرضى المصابين بأورام الدماغ على نوع الورم ودرجته إلى حدٍّ كبير ، وعلى الحالة الصحِّية للمريض أيضاً. لقد ساهم التقدُّم الطبِّي والتقني بشكل كبير في تحسين فرص خمود المرض لدى مرضى سرطان الدماغ.
0 التعليقات:
إرسال تعليق